بيوتاتٌ تلوِّحُ بأيادِيها لدينا أطفال موهوبون

قِصَصٌ كثيرةٌ التي تَردُ علَيَّ منْ أسر تفصَحُ عمّا لديها من أطفالٍ موهوبين متعدِّدي المَلكات الإبداعية ومتنوِّعي القدرات المُنتِجة، بحثًا عنْ جِهة تكشف لهم حقيقة ما يمتلكه أطفالهم ومستواه عبْر أدوات موضوعية غير متحيِّزةٍ تشرحها في تقريرٍ رسميّ مفصَّل؛ وعنْ مؤسسة توفِّر لهم خِدمات رعاية إثرائية وإرشادية تصقل ما يمتلكه أطفالهم وترتقي به إلى أقصى مدى مُمكن في أجواءٍ مثيرة ممتعة متحدية متَّصلة شاملة مرنة من خلالِ استراتيجيّات وأساليب حديثة غير تقليدية تواكب العَصرَ آخذةً في الاعتبارِ جُلّ المهارات الرقمية.

ومنها ما بعثت به السيِّدة (...) بقولها: "لديَّ ابنتان إحداهما 9 سنوات والأخرى 11 سنة، وهنَّ مميَّزات؛ فارسات سعوديّات؛ حائزات على شهادات متعدِّدة؛ تتحدَّثَان الإنجليزية والأسبانية بطلاقة؛ تتعلمَان الألمانية والفرنسية بشكلٍ ذاتي؛ تمارسَان العربية في المدرسة؛ تلعبَان كرة السلة؛ أخذتَا دورات في السِّباحة المتقدِّمة والروبوتكس (المستوى4) والبرمجة؛ مهتمَّتان بالفنونِ والعلوم؛ تعزفَان على البيانو والجيتار؛ قامتَا بالتطوُّعِ في هيئةِ الأمم المتحدة ومفوضيّة اللاجئين؛ ومتفوّقات في مدارس الملك فيصل بالرِّياض".

ومنها ما أباح به السيِّد (...) بقوله: "اكتشفتُ صدفةً بأنِّ لدى طفلي ذي 7 سنوات قدرات إبداعية متميِّزة في الكتابة؛ خيال واسع؛ ويُصمم دُمى ويزيّنها، عندما جمعته مع أقرانه ممن يماثلونه في العُمر الزمني في حفل عائلي بهيج".

يا ترى أيّها القارئ ما ذكرَته السيِّدة (...) والسيِّد (...) عَنِ أطفالهم منْ معلومات واضحة الدِلالة. أكان كافيًا بأنْ يصنَّفوا ضمن فئة ذوي الموهبة؟ كيفَ سيكون شكل التّحدي لمجابهة أطفال متعدِّدي المواهب والقدرات والاهتمامات؟ هل لدى الأسرة الإمكانات النفسية والمعرفية للتعامل معهم بصورةٍ إيجابية تضمنُ لهم شخصية متّزنة سويّة؟ منَ سيقدَّم لهم الرعاية المناسبة المُفضية إلى إشباع ذاتهم سواء كانوا أفرادًا أكفياء أو مراكز متخصِّصة؟ متى سنجد الوقت الكافي للموازنة بين ممارسة الموهبة بِحرفيّة ومتطلّبات التحصيل الدراسي العام وضغوطاته؟ ما الذي يُمكن التنبُّؤ به كمسار جامعي أو مستقبل مهني مرتبط بما يمتلكونه؟ وغيرها من التساؤلات المَشروعة التي قد تجوب بخاطرك وأنْ تتأملَّ ما ذُكِر منْ موقِفيْن.

وفي الأفق الرحيب العديد من الأسر -من مختلف فئات المجتمع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية- تلوِّحُ بإلحاح مُقدَّر كي تراها المؤسسات المعنية بالموهوبين والمبدعين باهتمام مسؤول؛ طلبًا للمساعدة في تأكيد تصوّراتهم وتوقّاتهم المُلاحَظَة بالمُعايشة والتجربة المُباشرة لأطفالهم الموهوبين بعيدًا عن الاختبارات الأكاديمية والمقاييس الورقية.

فعلى تلك المؤسسات المَعنية بالموهوبين والمبدعين واجباتٌ محتَّمةٌ اتّجاه الأسر الحاضنة لمشاريع وطنية واعدة نحو المستقبل؛ ولاستثمارات بشرية متّقدة مضمونة النفع، ومنها:

·       مُعرِّفة بنفسها في كلِّ وسائل الإعلام العصرية (خاصة قنوات التواصل الاجتماعي) شارحةً آليات الكشف والتعرُّف إلى الموهوبين.   

·       موضِّحة أشكال الموهبة المستهدفة في برامجها، والمراحل (أو الأعمار) المرحَّبة بها.

·       عارضة نوعية خِدمات الرعاية المُتاحة وفق أشكال الموهبة المستهدفة.

·       مبيِّنة سبل التواصل الآمن معها من كافة أطياف المجتمع وتلاوينه.

·       موفِّرة باقة منتظِمة من المحاضرات والدورات التدريبية لأسر الموهوبين موزَّعة على مدار السَّنة.

·       معينة لأسر الموهوبين على حلِّ بعض المشكلات التي قد يتعرّض لها أطفالهم (نفسية، اجتماعية، سلوكية، أكاديمية، مهنية، وغيرها).