التنشئة الاجتماعية

الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة فلا يمكن أن يعيش بمعزل عن الناس ويتكفل بمقومات حياته دون الحاجة للآخرين، فانعزال الفرد عن المجتمع من حوله ينافي الفطرة السليمة ويستحيل حدوثه واقعياً، وقد انشغل الإنسان منذ القدم على توريث معتقداته وأفكاره إلى الأجيال اللاحقة مما يحقق التوازن في المجتمع ويضمن الاتصال والتواصل بين الأجيال.

ووفقاً لما يشير إليه فؤاد البهي السيد وسعد عبد الرحمن (2006) " فالتنشئة الاجتماعية عملية قديمة قدم المجتمعات الإنسانية ذاتها، مارستها الأسرة منذ نشأتها لتنشئ أطفالها على ما نشأت هي عليه، ولتحافظ بذلك على استمرار عادتها وتقاليدها ومعاييرها وقيمها ولغتها وخصائصها الاجتماعية المختلفة".

تعريف التنشئة الاجتماعية:

وفقاً لما تشير إليه سميرة أحمد السيد (2004) " التنشئة الاجتماعية هي العملية التي يكتسب الفرد عن طريقها الاتجاهات والقيم والدوافع وطرق التفكير والتوقعات والخصائص الشخصية الاجتماعية التي تميزه كفرد في المجتمع خلال المراحل القادمة من نموه وارتقائه".

ويشير زكريا الشربيني ويسرية صادق (2006) " أن التنشئة الاجتماعية هي عملية تعلم اجتماعي يتعلم فيه الفرد عموما طفلاً أو راشداً عن طريق التفاعل الاجتماعي أدواره الاجتماعية ويكتسب المعايير الاجتماعية ويتمثلها، وكذلك الاتجاهات النفسية والقيم والمعتقدات، ويتعلم كيف يتصرف ويسلك بأسلوب اجتماعي توافق عليه الجماعة التي ينتمي إليها وترتضيه في إطار المجتمع العريض".

أهداف التنشئة الاجتماعية:

هناك وظيفتان أساسيتان تنهض بهما التنشئة الاجتماعية، الأولى وظيفة ظاهرة تنحصر في تدريب الأبناء على أداء كافة أشكال السلوك التي تلقى استحسان المجتمع ورضاه، ويتخذها الشخص دعامة لسلوكه طوال حياته وموجهاً لما يتعين عليه القيام به في مختلف المواقف، أما الوظيفة الثانية فهي مستترة أو كامنة، وتهدف إلى توحد الأبناء مع كافة عناصر الثقافة السائدة في المجتمع بما تشمله من نسق القيم الدينية والخلقية والاجتماعية والجمالية.....الخ، والاتجاهات والمعتقدات والمهارات التي تشكل البناء الأساسي للشخصية ويحقق التوازن النفسي والاجتماعي للفرد. (السيد عبد القادر شريف، 2006 ; زكريا الشربيني ويسرية صادق، 2006).

ويمكن عرض أهداف التنشئة الاجتماعية على النحو التالي:

1-اكتساب الفرد الخصائص الأساسية لمجتمعه.

2-فهم دلالة الأدوار الاجتماعية والوعي بمتطلباتها.

3- الربط بين ما يتم من عمليات تعلم للأفراد وما يحتاجه هؤلاء الأفراد.

مؤشرات كفاءة عملية التنشئة الاجتماعية:

إن التنشئة الاجتماعية عبارة عن خطة وأسلوب تربوي يتم تناقله عبر الأجيال خلال عملية تفاعل دينامية من خلال تفاعل الفرد مع الآخرين لتحقيق الضبط الاجتماعي في المجتمع، ولأهمية عملية التنشئة الاجتماعية فكان يجب وضع مجموعة من المؤشرات التي يمكن من خلالها الاستدلال على كفاءة التنشئة الاجتماعية وأنها تمت بالشكل المناسب لتحقيق أهدافها، ومن أهم هذه المؤشرات:

1-الاتساق بين أدوار المنشئين الاجتماعيين في سعيهم لتحقيق أهداف عملية التنشئة.

2-الارتقاء السوي والمتكامل لكافة مظاهر النمو.

3-أن يتاح للأبناء القيام بنشاطات علمية إبداعية ملموسة.

4-نمو الخصال الإيجابية للشخصية.

5-تبني الفرد لنسق من القيم الدينية والخلقية.

6-التفاعل الاجتماعي الكفء والبناء مع الآخرين.

7-التوافق النفسي والاجتماعي للفرد وخلوه من الاضطرابات والمشكلات النفسية كالقلق والاكتئاب. (معتز سيد عبد الله، 2019).

مما سبق يتضح أن عملية التنشئة الاجتماعية إذا لم تتم بكفاءة وأسلوب تربوي جيد فقد يؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات ومشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب، أو حدوث بعض الاضطرابات الشخصية كالعداء للمجتمع.

المراجع:

السيد عبد القادر شريف (2006). التنشئة الاجتماعية للطفل العربي في عصر العولمة. القاهرة: دار الفكر العربي.

زكريا الشربيني ويسرية صادق (2006). تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملة ومواجهة مشكلاته. القاهرة: دار الفكر العربي.

سميرة أحمد السيد (2004). الأسس الاجتماعية للتربية في ضوء متطلبات التنمية الشاملة والثورة المعلوماتية. الطبعة الأولى. القاهرة: دار الفكر العربي.

فؤاد البهي السيد وسعد عبد الرحمن (2006). علم النفس الاجتماعي: رؤية معاصرة. القاهرة: دار الفكر العربي.

معتز سيد عبد الله (2019). مدخل إلى علم النفس الاجتماعي. القاهرة: مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح.