تحدثنا على أن الأجيال تتناقل الأفكار والمعتقدات المجتمعية والعادات والثقافة من جيل إلى جيل، ومن أجل نقل هذه الموروثات الاجتماعية فإنه يلزم أن يكون هناك فئة ناقلة للموروث وهم الفئات الأكبر سناً وفئات أخرى تتقبل وتستقبل هذا الموروث وهم الفئات الأصغر سناً، وللأهمية التي تتميز بها عملية التنشئة الاجتماعية كان لابد من الضروري بظهور مؤسسات ينظر لها الفرد الأصغر سناً نظرة ثقة واحترام.
يشير التراث البحثي النفسي والاجتماعي إلى أن هناك خمس قنوات أساسية يمكن أن تضطلع بدورها المأمول في عملية التنشئة الاجتماعية للأبناء وهي: الأسرة، وجماعات الأقران، والمؤسسات التربوية (المدرسة والجامعة)، ووسائل الإعلام، ودور العبادة، وتضطلع كل قناة من هذه القنوات الخمس بدور نسبي في القيام بعملية التنشئة الاجتماعية حتى تحقق أهدافها المأمولة، وأنه لا غنى عن هذه القنوات الخمس في نقل التركة الثقافية في المجتمع من السلف إلى الخلف، بما تشمله من قيم ومعتقدات وعادات وتقاليد وأعراف .......الخ، وأن التفاعل المثمر فيما بينها والتناغم دون تعارض أو تناقض لما يتعرض له الأبناء هو الذي يحقق غاية التنشئة الاجتماعية من خلق جيل من الأبناء يتمتع بالصحة النفسية. (معتز سيد عبد الله، 2019).
ويمكن القول بأنه إذا كانت علاقة الطفل أو المراهق جيدة بأسرته وتسمح بالحوار الهادئ والنقاش فيمكن للطفل أو المراهق في هذه الحالة أن يتشاور مع الوالدين أو إخوته فيما يتلقاه من خلال وسائل الإعلام مما يضمن غالبا تلقيه لما يوافق عادات وقيم المجتمع وتمتع بصحة نفسية جيدة.
5- دور العبادة (المسجد والكنيسة) تقوم بدور مهم في التنشئة الاجتماعية للأفراد نفسياً واجتماعياً وتربوياً، وبخاصة أننا نعيش الآن الهجمة الشرسة للعولمة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية وما ترتب على ذلك من سيطرة الآلية وهيمنتها وطغيان المادة وتضاؤل نصيب الفرد من الجوانب الدينية والروحية، مما أدى إلى ظهور العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية كالعنف والتعصب والتطرف وغيرها.
ومن ثم يبرز الدور الجوهري لدور العبادة في حسن تنشئة أبناء المجتمع وتربيتهم التربية السليمة التي تحقق لهم الصحة النفسية والاجتماعية، فدور العبادة تتميز بخصائص فريدة عن قنوات التنشئة الأخرى تمكنها من حسن قيامها بدورها أهمها التقديس والثبات وإيجابية المعايير والقيم الخلقية التي يتم تعليمها للفرد. (معتز سيد عبد الله، وعبد اللطيف خليفة، 2000).
مما سبق يتضح أن قيام كل قناة من قنوات التنشئة الاجتماعية بدورها على أكمل وجه ودون أي تقصير أو خلل يؤدي إلى التنشئة النفسية والصحية السليمة للأبناء، وأن أي خلل في هذا الدور يؤدي إلى ظهور الأمراض المجتمعية والتي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة مثل التعصب والتطرف والتنمر والعنف، وأن علاج هذه الأمراض يعتمد على رجوع كل قناة إلى دورها الرئيسي وقيامها به على الوجه الصحيح.
المراجع:
أحمد علي محمد (2003). أصول التربية. ط2. عمان: دار المناهج.
محيي الدين أحمد حسين (1982). مشكلات التفاعل الاجتماعي بين التحديد والمعالجة. القاهرة: دار المعارف.
محيي الدين أحمد حسين (1987). التنشئة الأسرية والأبناء الصغار. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
معتز سيد عبد الله (2019). مدخل إلى علم النفس الاجتماعي. القاهرة: مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح.
معتز سيد عبد الله وعبد اللطيف خليفة (2000). علم النفس الاجتماعي. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع.
جماعة الاقران أو الأصدقاء، مهم جدا أن نختارها بعناية لنا ولأولادنا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " المرء علي دين خليله فلينظر احدكم من يخالل" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
صلى الله عليه وسلم، وللأسف الكثير من الآباء بيظن إنهم غير مؤثرين في عملية التربية
بالتوفيق للجميع
وجودهم فعلا مهم
معلومات جميلة
شكرا لك